ش: أراد بالقوم هؤلاء: عطاء بن أبي رباح وابن جريج وجابر بن زيد والحسن البصري وطاوسًا وعمرو بن دينار وعكرمة؛ فإنهم قالوا: للمطلقة وللمتوفى عنها زوجها أن تسافرا في عدتهما إلى حيث ما شاءتا.
وروي ذلك عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وعلي بن أبي طالب وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهم-. وهو مذهب الظاهرية أيضًا.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: أما المتوفى عنها زوجها فإن لها أن تخرج في عدتها من بيتها نهارًا ولا تبيت إلا في بيتها، وأما المطلقة فلا تخرج من بيتها في عدتها لا ليلاً ولا نهارًا؛ وفرقوا بينهما لأن المطلقة في قولهم لها النفقة والسكنى في عدتها على زوجها الذي طلقها، فذلك يغنيها عن الخروج من بيتها، والمتوفى عنها زوجها لا نفقة لها فلها أن تخرج في بياض نهارها تبتغي من فضل ربها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والليث وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد، ولكن في مذاهبهم تفصيل؛ فعند الليث ومالك والثوري: تخرج المعتدة من النهار سواء كانت رجعية أو مبتوتة، ولا تخرج بالليل.
وعند الشافعي: الرجعية لا تخرج ليلاً ولا نهارًا، وإنما تخرج نهارًا المبتوتة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: أما المتوفى عنها زوجها تخرج نهارًا ولا تبيت إلا في بيتها، وأما المطلقة فلا تخرج لا ليلاً ولا نهارًا.
وحكى القاضي عياض عن محمد بن الحسن: أن الجميع لا يخرج، لا ليلاً ولا نهارًا.
وقال الكاساني (١): المعتدة لا تخلو إما أن تكون معتدة عن نكاح صحيح أو نكاح فاسد، ولا تخلو إما أن تكون حرة أو أمة، بالغة أو صغيرة، عاقلة أو مجنونة، مسلمة أو كتابية، مطلقة أو متوفى عنها زوجها، والحال حال الاختيار، وحال الاضطرار.