ص: قيل له: إنما كان ذاك للضرورة؛ لأنهم كانوا في فتنة، وقد بين ذلك ما حدثنا أبو داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه قال:"لما قتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل وسارت عائشة إلى مكة، بعثت عائشة إلى أم كلثوم وهم بالمدينة فنقلتها إليها لما تتخوف من الفتنة، وهي في عدتها".
وهكذا نقول إذا كانت فتنة يخاف على المعتدة من الإقامة فيها، فهي في سعة من الخروج فيها إلى حيث أحبت من الأماكن التي تأمن مَنْ فيها من تلك الفتنة.
ش: أي قيل لهذا القائل، وأراد به الجواب عما اعترضه، بيانه: أن ما ذكرتم من حج عائشة مع أختها أم كلثوم وهي في العدة إنما كان لأجل الخوف من عائشة على أم كلثوم؛ لأن زوجها طلحة بن عبيد الله قتل يوم الجمل كما ذكرنا، وكانت أم كلثوم في المدينة، ولما قدمت عائشة إلى مكة بعثت وراءها فنقلتها إلى مكة عندها؛ خوفًا عليها من الفتنة، قال: وقد بيَّن هذا المعنى القاسم بن محمد في حديثه.
أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن خالد الوهبي الكندي شيخ البخاري في غير الصحيح، عن محمد بن إسحاق المدني، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
قوله:"يوم الجمل" وهو يوم كانت فيه وقعة عظيمة بين علي وعائشة -رضي الله عنهما- وهي مشهورة، وكانت في سنة ست وثلاثين من الهجرة، وسميت يوم الجمل؛ لأن عائشة كانت يومئذٍ في هودج على جمل، ولم ينهزم عسكرها حتى عقروا جملها فوقع بالهودج، فانفلت الناس عنها فرجعت وجاءت إلى مكة.
قوله:"وهكذا القول" يعني بجواز انتقال المعتدة عن الوفاة إلى حيث شاءت إذا كانت فتنة تخاف عليها، وكذا إذا خافت سقوط منزلها، أو خافت على متاعها من اللصوص، أو كان المنزل بأجرة ولا تجد ما تؤديه من أجرته. والله أعلم.