رسول الله -عليه السلام-: "أسمع رؤياكم قد تواطأت على أنها في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".
قوله:"تحروها" أي اطلبوها، أي احرصوا على طلب ليلة القدر، واجتهدوا فيه في السبع الأواخر.
فإن قيل: ما تقول في الاختلاف الذي جاء في هذا الباب؟
فإن ابن عمر -رضي الله عنهما- قد روى عنه -عليه السلام- أنه قال:"تحروها في السبع الأواخر من رمضان"، وجاء في حديث أبي سعيد "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في كل وتر، والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"، وجاء في حديث أبي بن كعب:"أنها ليلة سبع وعشرين"، وفي حديث ابن عباس:"ليلة ثلاث وعشرين"، وكذا في حديث عبد الله بن أنيس، وفي حديث ابن مسعود:"من يقم الحول يصب ليلة القدر"، إلى غير ذلك من الأخبار التي جاءت في هذا الباب.
قلت: هذه الآثار كلها محمولة [على](١) الوفاق دون الخلاف، والجمع بينها: بأنها في اختلاف السنين؛ فحديث أبي في سنة، وحديث عبد الله في سنة، وحديث أبي سعيد في أخرى، وأمر بها النبي -عليه السلام- في العشر الأواخر في عام، وفي السبع في عام، وكلتاهما في العشر الأوسط في عام، فهذا يدل على أنها ليست في ليلة معينة أبدًا، وأنها في الأعوام أو في شهر رمضان على ما ذهب إليه أبو حنيفة -رحمه الله-، وسيجيء ما يقرب من هذا في أثناء كلام الطحاوي -رحمه الله-.
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني أبو زُمَيل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه قال: "سألت أبا ذر، فقلت: أسألت رسول الله -عليه السلام- عن ليلة القدر؟ قال: نعم، كنت أسأل الناس عنها -قال عكرمة: يعني أشبع سؤالًا- قلت: يا رسول الله، أخبرني