أتكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضت الأنبياء ورفعوا رفعت معهم، أو هي إلى يوم القيامة؟ قال: لا، بل هي إلى يوم القيامة، فقلت: فأخبرني في أي شهر رمضان هي؟ قال: التمسوها في العشر الأواخر، والعشر الأول، ثم حدث نبي الله وحدثت، فاهتبلت غفلته فقلت: يا نبي الله، أخبرني في أي العشر هي؟ قال: التمسوها في العشر الأواخر، ولا تسألني عن شيء بعد هذا، ثم حدث وحدثت، فاهتبلت غفلته، فقلت: أقسمت عليك يا رسول الله بحقي عليك؛ لتحدثني في أي العشر هي؟ فغضب عليَّ غضبًا ما غضب عليَّ من قبلُ ولا بعدُ، ثم قال: التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شيء بعد".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): نا وكيع، قال: نا سفيان، عن الأوزاعي، عن مرثد بن أبي مرثد، عن أبيه قال: "كنت مع أبي ذر عند الجمرة الوسطى، فسألته عن ليلة القدر، فقال: كنت أَسْأَلَ الناس عنها رسول الله -عليه السلام-، قلت: يا رسول الله، ليلة القدر كانت تكون على عهد الأنبياء -عليهم السلام-، فإذا ذهبوا رفعت؟ قال: لا، ولكن تكون إلى يوم القيامة. قال: قلت: يا رسول الله، فأخبرنا بها، قال: لو أُذن لي فيها لأخبرتكم ولكن التمسوها في أحد السبعين، لا تسألني عنها بعد مقامي أو مقامك هذا، ثم أخذ في حديث، فلما انبسط، قلت: يا رسول الله أقسمت عليك إِلا حدثتني بها، قال أبو ذر: فغضب عليَّ غضبة لم يغضب علي قبلها ولا بعدها مثلها".
قوله: "كنت أسألَ الناس" أي أكثر الناس سؤالاً، وأسأل ها هنا أفعل التفضيل، وقد فَسَّره عكرمة الراوي بقوله: "أشبع سؤالًا" أي أكثر وأشد سؤالًا.
قوله: "لَتخبرني" اللام فيه مفتوحة؛ لأنها للتأكيد.
قوله: "فغضب" إنما كان غضبه -عليه السلام- لأمرين:
الأول: أنه أقسم على النبي -عليه السلام-، وليس لأحد يمين على النبي -عليه السلام-.