حبيش يقول:"سألت أبي بن كعب، فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر. فقال: أراد أن لا يتكل الناس، أمَا إنه قد عَلِمَ أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثني إنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة -أو بالآية- التي أخبر رسول الله -عليه السلام-، أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها".
وأخرج أحمد في "مسنده"(١): ثنا مصعب بن سلام، ثنا الأجلح، عن الشعبي، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب قال:"تذاكر أصحاب رسول الله -عليه السلام- ليلة القدر، فقال أُبَيّ: أنا والذي لا إله غيره أعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أخبرنا بها رسول الله -عليه السلام-؛ ليلة سبع وعشرين تمضي من رمضان، وآية ذلك أن الشمس تصبح الغد من تلك الليلة؛ ترقرق ليس لها شعاع".
قوله:"ترقرق" بالراءين والقافين، أي تدور، وتجيء وتذهب، وهو كناية عن ظهور حركتها عند طلوعها؛ فإنها ترى لها حركة متخيلة بسبب قربها من الأفق، والأبخرة المعترضة بينها وبين الأبصار، بخلاف ما إذا عَلَت وارتفعت.
قوله:"من قام الحول" الحول نُصب على الظرفية، والتقدير: مَنْ قام من الحول.
قوله:"أدركها" أي أدرك ليلة القدر، أراد بهذا أن ليلة القدر في جميع السنة.
قوله:"على أبي عبد الرحمن" هو عبد الله بن مسعود، وأبو عبد الرحمن كنيته.
قوله:"أمَا والذي يُحْلَف به" بفتح الهمزة وتخفيف الميم، وهو حرف استفتاح بمنزلة "أَلا" ويذكر قبل القسم، كقوله:"أما والذي أبكى وأضحك، والذي أمات وأحيى، والذي أَمْرُهُ الأمر"، وقد تستعمل بمعنى "حقًّا" في غير هذا الموضع.
قوله:"إنها في رمضان" اللام فيه للتأكيد، وهي مفتوحة.