فقالوا له هذه القصة، قال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله -عليه السلام-، قال رسول الله -عليه السلام-: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، قال هشام بن حسان: حدث جميل أنه قال: ما أراكما افترقتما".
وقال الطحاوي: في "مشكل الآثار": قد كان بعض من يذهب إلى أن الخيار يجب للمتبايعين بعد عقد البيع يحتج بهذا الحديث وبما كان من أبي برزة فيه من قوله "وما أراكما تفرقتما" وهذا لا يصح لأنهما قد قاما بعد البيع فإنه يعلم أن كل واحد منها قد قام إلى ما لا بد له منه من حاجة الإنسان، ومن قيام إلى صلاة يكون بذلك تاركًا لما كان فيه مشتغلًا بما سواه، مما لو وقع مثله في صرف تصارفاه قبيل القبض لفسد الصرف، فكذلك لو كان الخيار واجبًا في البيع بعد عقده لقطعته هذه الأشياء، فدل ذلك أن المّفرق عند أبي برزة لم يكن التفرق بالأبدان، والحديث اختلف أيضًا بالروايتين عن أبي برزة كما ذكرنا، ولم تكن إحداهما أولى من الأخرى فلم يكن لأحد أن يحتج بأحدهما إلا احتج عليه مخالفه بالآخر منهما، وليس في واحدٍ منها ما يوجب أن التفرق المذكور في الحديث هو التفرق بالأبدان.
ص: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان بالخيار حتى يتفرقا -أو ما لم يتفرقا- فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما فعسى أن يدور بينهما فضل وتمحق بركة بيعهما".
قال همام: فسمعت أبا التياح يقول: سمعت هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام، عن النبي -عليه السلام- بمثل هذا.
ش: هذا طريق آخر في حديث حكيم بن حزام، وهو صحيح، عن أبي بكرة بكار بن قتيبة، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن همام بن يحيى ... إلى آخره.