للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فلما كان أهل بريرة أرادوا بيعها على أن تعتق فيكون ولاؤها لهم، فقال النبي -عليه السلام- لعائشة: "لا يمنعك ذلك؛ فإنما الولاء لمن أعتق".

دلَّ أن هكذا الشروط كلها التي تشترط في البيوع، وأنها تبطل وتثبت البيوع.

ش: أشار بهذا الكلام إلى بيان حجة أحد الفرقتين من أهل المقالة الثانية وهم الذين قالوا: البيع جائز والشرط باطل.

أي ذهبت الفرقة الذين أبطلوا الشرط وجوزوا البيع -فيما إذا باع بالشرط- إلى حديث بريرة، فإن أهل بريرة لما أرادوا بيعها بشرط أن تعتق ويكون ولاءها لهم؛ قال النبي -عليه السلام- لعائشة: "لا يمنعك ذلك" أي اشتراطهم الولاء لا يمنع صحة العقد "فإنما الولاء لمن أعتق" سواء اشترط أهلها أن يكون لهم أو لم يشترطوا.

فدلَّ هذا الكلام أن الشروط كلها التي تشترط في البيوع لا تضر صحة البيوع، فتثبت البيوع وتبطل الشروط.

ثم إنه أخرج حديث عائشة في بريرة ها هنا من خمس طرق صحاح، ورجالها كلهم رجال الصحيح ما خلا إبراهيم بن مرزوق وأبا بشر وعلي بن عبد الرحمن:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن عبد الله بن وهب المصري، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر: "أن عائشة -رضي الله عنهم- ... " إلخ.

وأخرجه مسلم (١): ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة: "أنها أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا. فذكرت ذلك لرسول الله -عليه السلام-، فقال: لا يمنعك ذلك؛ فإنما الولاء لمن أعتق".

الثاني: عن يونس أيضًا ... إلى آخره.


(١) "صحيح مسلم" (٢/ ١١٤١ رقم ١٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>