وبين الماء ساعة أَمَرَنا أبو بكر -رضي الله عنه- فعرسنا، ثم شن الغارة فورد الماء وقتل من قتل عليه وسبي، وانظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري، فخشيت أن يسبقونني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم، وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم -قال: القشع: النِّطْع- معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم حتى أتيت بهم إلى أبي بكر -رضي الله عنه-، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبًا، فلقيني رسول الله -عليه السلام- في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة، فقلت: يا رسول الله، والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا، ثم لقيني رسول الله -عليه السلام- من الغد في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة؛ لله أبوك، فقلت: هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفت لها ثوبًا، فبعث بها رسول الله -عليه السلام- إلى أهل مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين كانوا أُسِروا بمكة".
وأخرجه أبو داود (١): عن هارون بن عبد الله، عن هاشم بن القاسم، عن عكرمة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه ... إلى آخره نحوه.
ص: ففي هذه الآثار أمر رسول الله -عليه السلام- بالغارة، والغارة لا تكون وقد تقدمها الدعاء والانذار، فيحتمل أن يكون أحد الأمرين مما روينا ناسخٌ للآخر، فنظرنا في ذلك؛ فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا، قال: ثنا سعيد بن سفيان الجحدري (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا بكر بن بكار (ح).
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا إسحاق الضرير، قالوا: ثنا عبد الله بن عون قال: "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فقال: إنما كان ذلك في أول الإسلام، أغار رسول الله -عليه السلام- على بني المصطلق وهم غَارُّون وأنعامهم على الماء، فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم، ثم أصاب يومئذٍ جويرية بنت الحارث".
وحدثني بهذا الحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وكان معهم في ذلك الجيش.