ذلك كان مرتدًّا، وإن قال: أردت بقولي أسلمت أني على الحق ولم أرد بذلك الرجوع عن ديني، لم يحكم بإسلامه.
ولو قال يهودي أو نصراني: أشهد أن لا إله إلا الله وأتبرأ عن اليهودية أو النصرانية، لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم لا يمتنعون عن التوحيد، والتبرؤ عن اليهودية أو النصرانية لا يكون دليل الدخول في دين الإِسلام لاحتمال أنه تبرأ عن ذلك ودخل في دين آخر سوى الإِسلام فلا يصلح التبرؤ دليل الإيمان مع الاحتمال، ولو أقر مع ذلك فقال: دخلت في دين الإِسلام أو في دين محمد -عليه السلام- حكم بإسلامه لزوال الاحتمال بهذه القرينة.
وأما الدلالة: فنحو أن يصلي كتابي أو واحد من أهل الشرك في جماعة فيحكم بإسلامه عندنا خلافًا للشافعي، ولو صلى وحده لا يحكم بإسلامه، وكذا إذا أذن في مسجد جماعة يحكم بإسلامه، ولو قرأ القرآن لا يحكم بإسلامه، ولو حج فلو تهيّأ للإحرام ولبى وشهد المناسك مع المسلمين يحكم بإسلامه، وإن لبى ولم يشهد المناسك أو شهد المناسك ولم يلب؛ لا يحكم بإسلامه.
وأما التبعية: فإن الصبي يحكم بإسلامه تبعًا لأبويه عقل أو لم يعقل، ويحكم بإسلامه تبعًا للدار أيضًا, ولو كان أحدهما كتابيًّا والآخر مجوسيًّا فالولد كتابي؛ لأن المجوسي شر من الكتابي، انتهى.
ثم الكلام في أحاديث الباب:
أما في حديث أبي هريرة فأخرجه بإسناد صحيح: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه أبي صالح ذكوان الزيات، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا إسحاق بن شاهين، نا خالد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه، قال عمر -رضي الله عنه-: فما أحببت الإمارة إلا يومئذٍ، فدعا