قال الجوهري: الصِّمَّة: الرجل الشجاع، والذكر من الحيات، وجمعه صمم، ومنه سمي دريد بن الصمة.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا، فقالوا: لا بأس بقتل الشيخ الكبير في دار الحرب.
واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وبأن دريدًا قد كان حينئذٍ في حال من لا يقاتل.
ورووا في ذلك ما حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: ثنا ابن إسحاق، قال:"وجّه رسول الله -عليه السلام- قِبل أوطاس فأدرك دريدَ بن الصمة ربيعٌ بن رفيع فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة فإذا هو شيخ كبير، قال: ماذا تريد مني؟ قال: أقتلك، ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئًا، قال: بئس ما سلحتك أمك، خذ سيفي هذا من مؤخر رحلي ثم اضرب وارفع عن العظام وارفع عن الدماغ فإني كذلك كنت أقتل الرجال".
قالوا: فلما قتل دريد وهو شيخ كبير فان لا يدفع عن نفسه، فلم يعب ذلك رسول الله - صلى الله عميه وسلم -؛ دلَّ ذلك أن الشيخ الفاني يُقتل في دار الحرب، وأن حكمه في ذلك حكم الشبان لا حكم النساء.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري والشافعي -في أصح قوله- ومحمد بن جرير الطبري؛ فإنهم قالوا: لا بأس بقتل الشيخ الكبير في دار الحرب، وبه قال ابن المنذر.
قال أبو عمر: قال الطبري: يقتل الأعمى وذو الزمانة والمقعد والشيخ الفاني والراعي والحراث والسائح والراهب وكل مشرك؛ حاشا ما استثناه الله تعالى على لسان نبيه -عليه السلام- من النساء والولدان وأصحاب الصوامع. قال: والمغلوب على عقله في حكم الطفل.
قوله:"واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه بهذا الحديث، أي بحديث أبي موسى الأشعري المذكور.