قوله:"ولكنه وَكَلَها" بتخفيف الكاف، يقال: وَكَلْتُ أمري إلى فلان: أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه، وأما وكّلته -بالتشديد- فمعناه استكفيته أمره ثقة بكفايته أو عجزًا عن القيام بأمر نفسي.
قوله:"وقد قسم أبو بكر. . ." إلى آخره، إشارة إلى بيان أن ما ذهبوا إليه هو ما وقع عليه الإجماع من الصحابة؛ وذلك لأن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- لما قسما الخمس بعد وفاة النبي -عليه السلام- ولم يريا لذوي قرابة النبي -عليه السلام- في ذلك حقًّا خلاف حق سائر المسلمين، ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة -رضي الله عنهم-، فصار ذلك إجماعًا لا يخالف فيه ولا يعدل إلى غيره.
ص: ثم هذا عليّ -رضي الله عنه- لما صار الأمر إليه؛ حمل الناس على ذلك أيضًا، وذكروا في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق، قال:"سألت أبا جعفر فقلت: أرأيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حيث ولي العراق وما ولي من أمر الناس كيف صنع في سهم ذوى القربى؟ قال: سلك به والله سبيل أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فقلت: وكيف وأنتم تقولون ما تقولون؟ قال: أَمَ والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه، قلت: فما منعه؟ قال: كره والله أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-".
فهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد أجراه على ما كان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- أجرياه عليه؛ لأنه رأى ذلك عدلاً, ولو كان رأيه بخلاف ذلك مع علمه وفضله ودينه إذًا لرده إلى ما رأى.
ش: أوضح ما ذكره من بيان ما ذهب إليه هؤلاء القوم: هو ما وقع عليه إجماع الصحابة بما روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
أخرجه بإسناد صحيح: عن محمد بن خزيمة بن راشد، عن يوسف بن عدي ابن زريق شيخ البخاري، عن عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق المدني، عن