ش: أراد بالقوم هؤلاء: الليث والشافعي ومالكًا وأحمد؛ فإنهم قالوا: لا يُسهم من الغنيمة إلا لمن حضر الوقعة، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور.
وقال الخطابي: قال الشافعي: الغنيمة لمن شهد الوقعة وكان ردءًا لهم، وأما من لم يحضرها فلا شيء له منها، وهو قول مالك، وكان الشافعي يقول: إن مات قبل الغنيمة فلا شيء له، وإن مات بعد القتال وقبل القسمة فسهمه لورثته.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: يقسم لكل من حضر الوقعة ولمن كان غائبًا عنها من شيء من أشيائها، فمِن ذلك من خرج يريدها فلم يلحق بالإِمام حتى ذهب القتال غير أنه لحق به في دار الحرب قبل خروجه منها، قسم له.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي والنخعي والثوري والحكم بن عتيبة والأوزاعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: يقسم لكل من حضر الوقعة. . . إلى آخره.
قال الخطابي: قال الأوزاعي: إذا أدرب -يعني دخل الدرب- قاصدًا في سبيل الله أُسهم له شهد القتال أو لم يشهد، وقال أبو حنيفة: من لحق قبل القسمة فهو شريك الغانمين.
وقال ابن قدامة: قال أبو حنيفة -رضي الله عنه- في المدد: إن لحقهم قبل القسمة وإحرازها بدار الإِسلام شاركهم؛ لأن تمام ملكها بتمام الاستيلاء وهو الإحراز إلى دار الإِسلام أو قسمتها، فمن جاء قبل ذلك فقد أدركها قبل ملكها؛ فاستحق منها كما لو جاء في أثناء الحرب.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا كليب بن وائل، قال: حدثني هانئ بن قيس، عن حبيب بن أبي مليكة قال: "كنت قاعداً إلى جنب ابن عمر -رضي الله عنهما-، فأتاه رجل فقال: هل شهد عثمان بدرًا؟ فقال: لا, ولكن رسول الله -عليه السلام- قال: إن عثمان