ص: فذهب قومٌ إلى أن الرجل إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة وقد كان تزوجهن في دار الحرب وهو مشرك أنه يختار منهن أربعًا ويمسكهن ويفارق سائرهن، وسواء عندهم كان تزويجه إياهن في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة. وممن قال بهذا القول محمد بن الحسن -رحمه الله-.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي والليث بن سعد والشافعي ومالكًا وأحمد، فإنهم قالوا: إذا أسلم الكافر كتابيًّا كان أو غير كتابي وعنده عشر نسوة أو خمس نسوة أو ما زاد على أربع، اختار منهن أربعًا, ولا يبالي كن الأوائل أو الأواخر.
وكذلك إذا أسلم وتحته أختان اختار أيتهما شاء، إلا أن الأوزاعي روي عنه في الأختين أن الأولى امرأته. واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور.
وممن ذهب إلى قولهم: محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة:
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إن كان تزوجهن في عقدة واحدة فنكاحهن كلهن باطل، ويفرق بينه وبين سائرهن.
وممن ذهب إلى هذا القول: أبو حنيفة وأبو يوسف -رحمهما الله-.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والشعبي وعطاء وأبا حنيفة وأبا يوسف، فإنهم قالوا: إذا أسلم وتحته عشر نسوة مثلاً يختار الأربع الأوائل، فإن تزوجهن في عقدة واحدة؛ فُرِق بينه وبينهن.
وقال الحسن بن حي: يختار الأربع الأوائل، وإن لم يدر أيتهن أول طلق كل واحدة منهن تطليقة حتى تنقضي عدتهن ثم يتزوج منهن أربعًا إن شاء.
ص: وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذا الحديث حديث منقطع ليس كما رواه عبد الأعلى وأصحابه البصريون عن معمر، إنما أصله:
ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب أنه قال:"بلغنا أن رسول الله -عليه السلام- قال لرجل من ثقيف -أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة-: أَمْسِك منهن أربعًا وفارق سائرهن".