وذكره بعضهم عن الحارث بن قيس. منهم الطحاوي كما تراه، ورجح البيهقي أنه الحارث بن قيس، وقال بعضهم: الصواب أنه قيس بن الحارث كما حكاه أبو داود عن أحمد بن إبراهيم.
ثم مع الاضطراب فيه اضطراب أيضًا في حميضة، فقيل: ابن الشمردل، وقيل: بنت الشمردل، وكذا في "سنن ابن ماجه": حميضة بنت الشمردل.
وأما الضعف في سنده، فإن الذهبي قال في "الضعفاء": حميضة لا يصح حديثه.
وقال البخاري: فيه نظر. وقال المنذري في "مختصر سنن أبي داود": وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضعفه غير واحد من الأئمة. والطريق الثاني فيه مجهول.
ص: وإن احتجوا في ذلك أيضًا بما حدثنا الربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود وحسان بن غالب، قالا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي وهب الجيشاني، عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال:"أسلمت وعندي أختان، فأتيت النبي -عليه السلام-، فقال: طلق إحداهما".
حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب الجيشاني، عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال:"أسلمت وعندي أختان، فأتيت النبي -عليه السلام- فسألته، فقال: طلق أيتهما شئت".
قيل لهم: هذا يوجب الاختيار كما ذكرتم، وهو أوضح من حديث الحارث بن قيس، ولكنه قد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- إنما خيره لأن نكاحه كان في الجاهلية قبل تحريم الله -عز وجل- ما فوق الأربع، فيكون معنى هذا الحديث مثل معنى حديث غيلان بن سلمة.
فقد ثبت بما بيَّنا في هذا الباب ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف، وفسد ما ذهب إليه محمد بن الحسن.