للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموال المسلمين كحكم رقابهم، كما كان حكم أموال المشركين حكم رقابهم، ولكنا منعنا من ذلك لما حكم به رسول الله -عليه السلام-، ولما حكم به المسلمون من بعده، فلما ثبت ما حكموا به من ذلك، فنظرنا إلى ما اختلفوا فيه من حكم ما قدر عليه المسلمون من ذلك وأخذوا من أيدي المشركين فجاء صاحبه بعدما قسم هل له أن يأخذه بالقيمة كما قال بعض من روينا عنه في هذا الباب أيضًا؟ فنظرنا في ذلك فرأينا النبي -عليه السلام- قد حكم في مشتري البعير من أهل الحرب أن لصاحبه أن يأخد منه بالثمن، وكان ذلك البعير قد ملكه المشتري من الحربيين كما يملك الذي يقع في سهمه من الغنيمة ما يقع في سهمه منها.

فالنظر على ذلك أن يكون الإِمام إذا قسم الغنيمة فوقع شيء منها في يد رجل وكان أسر ذلك من يد آخر، أن يكون المأسور من يده كذلك، وأن يكون له أخذ ما كان أسر من يد الذي وقع في سهمه بقيمته كما يأخذه من يد مشتريه الذي ذكرنا بثمنه.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: ملخص هذا: أن في كل ما روي عن الصحابة والتابعين من الآثار المذكور إشارة إلى أن المشركين إذا استولوا على أموال المسلمين وأحرزوها بدارهم أنهم يملكونها، وهذا ما لا خلاف فيه بينهم، ولكن اختلافهم فيما بعد ذلك، فذهب الحسن البصري ومحمد بن مسلم الزهري: أن المسلمين إذا قدروا على أموالهم بعد ذلك فلا سبيل لهم فيها، وخالفهما في ذلك بقية من ذكر من التابعين كشريح القاضي ومجاهد والنخعي والشعبي؛ فإنهم قالوا: أصحابها أحق بها قبل القسمة مجانًا وبعدها بأثمانها، وهو الذي ذهب إليه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كما قد ذكرناه مستقصى.

فيكون الذهاب إلى ما قال هؤلاء أول مما ذهب إليه الحسن والزهري، ولا سيما وقد تأكد وتشيَّد ما قال هؤلاء بما رواه تميم بن طرفة الطائي عن النبي -عليه السلام-, ومع

<<  <  ج: ص:  >  >>