أخي أنس بن مالك من أمه، وكان يلعب به وهو في المدينة، فلو كان حكم صيد المدينة مثل حكم صيد مكة؛ لما كان رسول الله -عليه السلام- يجيز له حبس النغير، ولا لعب أبي عمير به، فلما سكت عن ذلك دل على إباحة صيد المدينة، وأن حكمه خلاف حكم صيد مكة.
فإن قيل: يجوز أن يكون كان ذلك قبل تحريم المدينة، أو يكون كان أدخله في الحل ولم يصده في حرم المدينة.
قلت: أما الأول فاحتمال فلا تقوم به الحجة علينا، وأما الثاني فلا يتمشى علينا؛ لأن الحلال إذا أدخل الصيد في الحرم يجب عليه إرساله.
ثم إنه أخرج حديث أنس من أربع طرق:
الأول: إسناده صحيح، عن المزني، عن الشافعي، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي البصري، عن حميد الطويل، عن أنس -رضي الله عنه-.
وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة"(١): عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس نحوه.
الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب الغافقي، عن حميد، عن أنس، وهذا أيضًا إسناد صحيح.
وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا ابن مثنى، نا خالد، عن حميد، عن أنس قال:"كان لأم سليم ابن يقال له: أبو عمير، فكان النبي -عليه السلام- ربما مازحه، فدخل يومًا فوجده حزينًا، فقال: ما بال أبي عمير؟ قالوا: يا رسول الله، مات نغيره الذي كان يلعب به، فجعل يقول: أبا عمير ما فعل النغير؟ ".
الثالث: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي الرصاصي، عن شعبة، عن أبي التياح يزيد بن حميد الضبعي البصري عن أنس.