للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "كيف أصنع بهذه الكراييس" إنما قال ذلك لأنها كانت بحذاء القبلة، والكراييس: جمع كرياس -بكسر الكاف وسكون الراء وبالياء آخر الحروف وبعد الألف سين مهملة- وهي الميضاءة.

قال أبو عمر (١): الكراييس هي: المراحيض واحدها كرياس، مثل سربال وسرابيل، وقد قيل: إن الكراييس مراحيض الغرف، وأما مراحيض البيوت يقال لها: الكنف.

وقال ابن الأثير: الكراييس جمع كرياس، وهو الذي يكون مشرفًا على سطح بقناة إلى الأرض، فإذا كان أسفل فليس بكرياس، سمى به لما يعلق به من الأقذار، ويتكرس ككرس الدِّمْن، ثم قال: وقال الزمخشري: الكرناس بالنون.

قلت: فهذا كما قد رأيته قد ذكره في باب: كرس. فعلى هذا تكون الياء فيه زائدة، وكذا ذكره الجوهري في باب الكرس فقال: الكِرس -بالكسر- الأبوال والأقذار يتلبد بعضها على بعض، يقال: أكرست الدار.

ثم قال: والكرياس الكنيف في أعلى السطح.

وقال أبو عمر: في هذا الحديث من الفقه: أن على من سمع الخطاب أن يستعمله على عمومه، إذا لم يبلغه شيء يخصه؛ لأن أبا أيوب سمع من النبي -عليه السلام- النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والتبول مطلقا غير مقيد بشرط ففهم منه العموم، فكان ينحرف في مقاعد البيوت ويستغفر الله، ولم تبلغه الرخصة التي رواها عن النبي -عليه السلام- ابن عمر وغيره في البيوت.

ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه عن نافع، أن رجلًا من الأنصار أخبره، عن أبيه: "أنه سمع رسول الله -عليه السلام- ينهى أن تستقبل القبلة لغائط أو بول.


(١) "التمهيد" (١/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>