ص: فإن قال قائل: هذا الذي ذكرت إنما هو على ما كان منهما قد طبخ، فأما ما كان غير مطبوخ فهو داخل في النهي الذي في الآثار الأول.
قيل له: قد قال رسول الله -عليه السلام- فيما ذكرنا عنه من هذه الآثار:"إنما كرهته لريحه" وقد أباح أصحابه أكله، فلما كانت ريحه فيه قائمةً بعد الطبخ كان على حكمه، إذ كان إنما كره أكله فيهما جميعًا من أجل ريحه، فدل أن إباحة أكله لهم بعد الطبخ وريحه موجودة على أن أكلهم إياه قبل الطبخ مباح لهم أيضًا.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إن الذي يُفهم من الأحاديث من الإباحة هو ما كان منهما -أي: من الثوم والبصل- مطبوخًا، فأما النيئ منهما فهو داخل في النهي المذكور في الأحاديث الأُول.
والجواب ظاهر.
قوله:"إذ كان" كلمة "إذْ" للتعليل.
ص: وقد حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح، أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: إن رسول الله -عليه السلام- قال:"من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا -أو ليعتزل مسجدنا- فيقعد في بيته، وإنه أتي بقدر -أو ببدر- طبق فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحًا، فسأل عنها، فأُخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كره أكله، قال: كل، فإني أناجي من لا تناجي".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله -عليه السلام- قال:"من أكل الكراث فلا يغشانا في مساجدنا حتى يذهب ريحها؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان".
حدثنا عبد العزيز بن معاوية العتابي، قال: ثنا عبد الله بن رجاء (ح).
وحدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا شبابة بن سوار، قالا: أنا إسرائيل، عن مسلم الأعور، عن حبَّة، عن علي - رضي الله عنه - قال:"أمرنا رسول الله -عليه السلام- أن نأكل الثوم، وقال: لولا أن الملك ينزل عليَّ لأكلته".