للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبد الله ابن عمر - رضي الله عنهم - ونَبَّه أيضًا على أن البول قائمًا مباح، ولكن إذا أمن من إصابة شيء ثوبه أو بدنه، والله أعلم.

ص: فإن قال قائل: فقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما يخالف ما رويت عنه في هذا الباب، فذكر ما حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر - رضي الله عنه - "ما بلت قائمًا منذ أسلمت".

قيل له: قد يجوز أن يكون عمر - رضي الله عنه - لم يبل قائمًا منذ أسلم حتى قال هذا القول، ثم بال بعد ذلك قائمًا على ما رواه عنه زيد بن وهب، ففي ذلك ما يدل على أنه لم يكن يرى بالبول قائمًا بأسًا.

وقد دل على ذلك أيضًا ما قد رويناه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في هذا الباب من بوله قائما، وقد حدث عن عمر بن الخطاب بما قد ذكرناه.

فدل ذلك على رجوع عمر عن كراهية البول قائمًا، إذ كان ذلك؛ لما رواه عنه عبد الله بن عمر، ولم يكن عبد الله بن عمر يترك ما سمعه من عمر إلا إلى ما هو أولى عنده من ذلك.

ش: تقرير السؤال أن يقال: قد رويت عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يبول قائمًا وهو يفحج، وقد روي عنه أيضًا أنه قال: "ما بلت قائمًا منذ أسلمت" وبينهما تعارض وتضاد.

والجواب عنه ظاهر، وحاصله أن قول عمر - رضي الله عنه -: "ما بلت قائمًا منذ أسلمت" لا يعارض ذلك الخبر؛ لأنه قد يجوز أن يكون قد بال قائمًا بعد أن قال القول المذكور، ثم بوله قائمًا بعد هذا يدل على إباحته عنده، ومن الدليل على ذلك: أن عبد الله بن عمر روى عن أبيه عمر من بوله قائمًا، وهو أيضًا قد بال قائمًا، والحال أنه قد سمع من أبيه أنه قال: "ما بلت قائمًا منذ أسلمت" فلم يكن ذلك منه إلا لما ثبت عنده رجوع أبيه عن كراهيته البول قائمًا، إذ لا يجوز أن يترك ما سمعه من أبيه إلا إلى ما هو أولى عنده من ذلك، فافهم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>