للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعضهم: إنها صلة، أي زائدة، ثم اختلف هؤلاء في فائدتها على قولين: أحدهما: أنها توطئة وتمهيدًا لنفي الجواب، والتقدير: "لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى" ومثله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} (١) وقول الشاعر:

لَا وأَبيكِ ابنةَ العامِريِّ ... لا يَدَّعِي القومُ أنِّي أفِر

ورُدَّ بقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (٢) الآيات فإن جوابه مثبت وهو: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (٣) ومثله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} (٤).

والثاني: أنها زيدت لمجرد التأكيد كما في {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} (٥).

وقال بعضهم: إنها نافية، ثم اختلفوا في منفيها على قولين:

أحدهما: أنه شيء تقدم، وهو ما حكي عنهم كثيرًا من إنكار البعث، فقيل لهم: ليس الأمر كذلك، ثم استؤنف القسم، قالوا: وإنما صح ذلك لأن القرآن كله كالسورة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في آخرى. نحوه: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (٦) وجوابه: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} (٧).

والثاني: أن منفيَّها: "أقسم" وذلك على أن يكون إخبارًا لا إنشاء، واختاره الزمخشري.


(١) سورة النساء، آية: [٦٥].
(٢) سورة البلد، آية: [١].
(٣) سورة البلد، آية: [٤].
(٤) سورة الواقعة، آية: [٤].
(٥) سورة الحديد، آية: [٢٩].
(٦) سورة الحجر، آية: [٦].
(٧) سورة القلم، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>