ص: فقال أهل هذه المقالة: ما كان مما يُتَوطأ فلا بأس به لهذه الآثار، وما كان من غير ما يُتَوطأ فهو الذي جاءت فيه الآثار الأُوَلُ.
ش: أي: قال أهل المقالة الثانية، والحاصل أنهم قالوا: نحن عملنا بالأحاديث كلها فقلنا بأحاديث الفصل الأول، وهي التي احتجت بها أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من كراهة الصور في سائر الأشياء على العموم، فيما إذا كانت الصور من غير ما يُتَوطأ؛ كالثياب والستائر، والصور التي تكون في السقوف والجدران، ونحو ذلك، وقلنا بأحاديث الفصل الثاني فيما إذا كانت الصور مما كان يُتَوطأ، فإذن قد عملنا بالأحاديث كلها بخلاف أهل المقالة الأولى؛ حيث عملوا ببعضها وأهملوا بعضها، فافهم.
ص: وقد روي عن رسول الله أنه استثنى مما نهى عنه من الصور إلا ما كان رقمًا في ثوب.
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكير بن الأشج حدثه، أن بُسْر بن سعيد حدثه، أن زيد بن خالد الجهني حدثهم، ومع بُسْر بن سعيد عبيد الله الخولاني، أن أبا طلحة حدثه، أن رسول الله -عليه السلام- قال:"لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة" قال بُسْر: فمرض زيد بن خالد، فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم تسمع حديثًا في التصاوير؟ قال: إنه قد قال: "إلا رقمًا في ثوب" ألم تسمعه؟ قال: لا. فقلت: بلي، قد ذكر ذلك.
ش: ذكر هذا الحديث وما بعده إيذانًا بأن الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى ليست علي عمومها؛ إنما هي مخصوصة، يدل عليه حديث زيد بن خالد الجهني الصحابي - رضي الله عنه -، فإنه قال:"إلا رقمًا في ثوب" والرقم: هو النقش والوشي وأصله الكتابة.