للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فهذا كان رسول الله -عليه السلام- يقوله لأنه معصوم من الذنب، وأما غيره فلا ينبغي أن يقول ذلك؛ لأنه غير معصوم من العود فيما تاب منه.

ش: أشار به إلى القول: "استغفر الله وأتوب إليه"، وهذا في الحقيقة جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال: كيف كرهتم قول الرجل: "أستغفر الله وأتوب إليه" وقد روي هذا عن النبي -عليه السلام- أنه كان يقول: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"؟.

وتقرير الجواب أن غير النبي -عليه السلام- غير مأمون؛ لأنه غير معصوم فيتوهم منه خلف الوعد، والنبي -عليه السلام- مأمون عن ذلك؛ لأنه معصوم، وهو معنى قوله: "قالوا: فهذا كان رسول الله -عليه السلام- يقوله" أي قال هؤلاء القوم المذكورون هذا الذي ذكرناه من قول الرجل أستغفر الله وأتوب إليه كان النبي -عليه السلام- يقوله؛ لأنه معصوم من الذنوب، وأما غيره فلا ينبغي أن يقول ذلك؛ لأنه غير معصوم من العود، أي الرجوع إلى الذنب الذي تاب منه.

فإن قيل: فما فائدة قول النبي -عليه السلام- بذلك وهو لا ذنب له، فلا يحتاج إلى التوبة؟

قلت: إظهار الشكر لله تعالى علي هذه النعمة التي اختصت به إذ إرشاد الأمة وتعليمه إياهم ما يقولون عند ارتكابهم الذنوب.

ثم إنه أخرجه الحديث المذكور عن أبي هريرة وأبي موسى الأشعري والأغر بن يسار - رضي الله عنهم -.

أما عن أبي هريرة فأخرجه من أربع طرق:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن خطاب بن عثمان الطائي الفوزي الحمصي شيخ البخاري، وحيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي شيخ البخاري أيضًا، وأبي داود، كلاهما، عن بقية بن الوليد الكلاعي الحمصي، عن محمَّد بن الوليد الحمصي الزبيدي، عن محمَّد بن مسلم الزهري، عن عبد الملك ابن أبي بكر بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المدني، عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>