للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن تكون اسمًا للعجب نحو:

وَا بأبي أنت وفوكِ الأشنبُ

قوله: "أمَ والله"، أصله: أما والله، فحذفت الألف، وهي حرف استفتاح بمنزلة "ألا" وتكثر قبل القسم.

وقال أبو عمر بن عبد البر (١): اختلف الناس في معنى قوله -عليه السلام-: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" فقال قائلون: معناه أن يوصي الميت بذلك.

وقال آخرون: معناه أن يمدح في ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية من الفتكات والغدرات وما أشبهها من الأفعال التي هي عند الله ذنوب، فهم يبكون لفقدها، ويمدحونه بها، وهو معذب بما يبكي عليه به من أهله.

وقال الآخرون: البكاء في هذا الحديث وما كان مثله معناه النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود ونحو هذا من النياحة، وأما بكاء العِبَر فلا، وذهبت عائشة إلى أن أحدًا لا يعذب بفعل غيره، وهو أمر مجمع عليه بقول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢)، وبقوله تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} (٢) وبقوله -عليه السلام- لأبي [رمثة] (٣) في ابنه: "ابك لا تجني عليه ولا يجني عليك".

قال أبو عمر: أما ما صح عن النبي -عليه السلام- من حديث عمر بن الخطاب وعبد الله ابن عمر والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنهم -، وغيرهم، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "يعذب الميت بما نيح عليه" ذكره مسلم، مع ما روي من إنكار عائشة على ابن عمر بقولها أيضًا في حديث آخر: "إنكم لتحدثون عن غير كاذبين، عمر وابنه، ولكن السمع يخطئ" ذكره أيضًا مسلم.


(١) "التمهيد" (١٧/ ٢٧٤).
(٢) سورة الأنعام، آية: [١٦٤].
(٣) في "الأصل، ك": "رميثة"، والمثبت من "التمهيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>