للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "بئر جَمل" بجيم مفتوحة، وعند النسائي بئر الجمل، وهو موضع بغرب المدينة فيه مال من أموالها، ذكره أبو عُبيد.

ويستفاد منه ما ذكرنا من الأحكام في الحديث الماضي، ويستفاد أيضًا:

جواز التيمم بالجدار سواء كان عليه غبار أو لم يكن؛ لإطلاق الحديث، وهو حجة لأبي حنيفة على مخالفيه.

وفيه دليل أيضًا على جواز التيمم للنوافل، والفضائل كسجدة التلاوة، والشكر، ومس المصحف، ونحوها كما يجوز للفرض، وهذا بالإجماع إلاَّ وجه شاذ منكر للشافعية أنه لا يجوز إلاَّ للفرض، وقد رأى الأوزاعي أن الجنب إذا خاف إن اشتغل بالغسل طلعت الشمس يتيمم ويصلي قبل فوت الوقت.

قال الخطابي: وبه قال مالك في بعض الروايات، وعند أصحابنا إذا [خاف] (١) فوت الصلاة على الجنازة والعيدين يتمم.

وحكى البغوي في "التهذيب": إذا خاف فوت الفريضة لضيق الوقت صلاها بالتيمم، ثم توضأ وقضاها.

وقال النووي في "شرح مسلم": هذا الحديث محمول على أنه كان - عليه السلام - عادما للماء حال التيمم، فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادر على استعماله، ولا فرق بين أن يضيق الوقت، وبين أن يتسع، ولا فرق بين صلاة الجنازة والعيدين وغيرهما.

قلت: الحديث مطلق يستفاد منه: جواز التيمم لرد السلام ونحوه، وفي معناه صلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما سواء وجد الماء أو لا، ولا ضرورة إلى حمله على أنه كان عادما للماء؛ لأنه تخصيص بلا مخصص.

فإن قيل: كيف يتيمم - عليه السلام - بالجدار بغير إذن مالكه؟


(١) ليست في "الأصل، ك"، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>