للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: حدثنا رييع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "أتى رسول الله -عليه السلام- ثلاثة نفر فقالوا: إن صاحبًا لنا مريض وُصِفَ له الكيّ، أفنكويه؟ فسكت، ثم عادوا، فسكت، ثم قال لهم في الثالثة: اكووه إن شئتم، وان شئتم فارضفوه بالرضف".

ش: هذا طريق آخر وهو أيضًا صحيح.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: "أن قومًا أتوا النبي -عليه السلام- فقالوا: صاحب لنا يشتكي، أنكويه؟ قال: فسكت، ثم [قالوا] (٢): أنكويه؟ فسكت، ثم قال: أنكويه؟ فسكت فقال: اكووه وارضفوه بالرضف رضفًا".

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ومعنى هذا عندنا على الوعيد الذي ظاهره الأمر وباطنه النهي، كما قال الله -عز وجل-: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ. . .} (٣) الآية، وكقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (٤).

ش: أي معنى هذا الحديث، وأشار به إلى أن الأمر المذكور في حديث عبد الله ليس علي حقيقته، وإنما ظاهره الأمر، ولكن باطنه النهي بطريق الوعيد والتهديد، ذلك كما في قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} (٣)؛ وذلك لأن الله تعالى لا يأمر الشيطان باستفزاز من يستطيعه، والاستفزاز: الاستخفاف، وكذلك في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (٤) ليس علي حقيقته بأن يكون أمرًا منه بأن يعملوا كل ما يشاءون، ومنه ما يقال لعبد شتم مولاه وقد أدبه: اشتم مولاك؛ فإنه ليس يأمر بالشتم ولكنه تهديد.


(١) "مسند أحمد" (١/ ٣٩٠ رقم ٣٧٠١).
(٢) في "الأصل": "قال"، والمثبت من "مسند أحمد".
(٣) سورة الإسراء، آية: [٦٤].
(٤) سورة فصلت، آية: [٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>