ص: فإن قال قائل: فما جَعَلَ ما قلتَ أولى من أن يكون نهى عن التكني بكنيته ثم نهى عن الجمع بين اسمه وكنيته، وكان ذلك إباحة لبعض ما كان وقع عليه نهيه قبل ذلك؟
قيل له: لأن نهيه عن التكني بكنيته في حديث أبي هريرة فيما ذكرنا معه من الآثار لا يخلو من أحد وجهين:
إما أن يكون متقدمًا للمقصود فيه إلى الجمع بين الاسم والكنية، أو متأخرًا عن ذلك، فإن كان متأخرًا عنه فهو زائد عليه غير ناسخ له، وإن كان متقدمًا له فقد كان ثابتًا ثم روي هذا بعده فنسخه، فلما احتمل ما قصد فيه إلى النهي عن الكنية أن يكون منسوخًا بعد علمنا بثبوته كان عندنا على أصله المتقدم وعلى أنه غير منسوخ حتى نعلم يقينًا أنه منسوخ، فهذا وجه النظر من طريق معاني الآثار.
ش: هذا السؤال وارد على قوله: "وأباح إفراد كل واحد منهما. . . ." إلى آخره. [وهو ظاهرٌ غنيٌّ عن مزيد بيان](١).
قوله:"فما جعل" أي: أيُّ شيءٍ جعل ما قلتَ أولى من أن يكون. . . . إلى آخره.
قوله:"فهذا وجه هذا الباب. . . ." إلى آخره. أي: هذا الذي ذكرنا إلى هنا من طريق "شرح معاني الآثار".
ص: وأما وجهه من طريق النظرة فقد رأينا الملائكة لا بأس أن نتسمى بأسمائهم، فكذلك سائر الأنبياء -عليهم السلام- غير نبينا -عليه السلام- فلا بأس أن يتسمى بأسمائهم ويُكنى بكناهم ويجمع بين اسم كل واحد منهم وكنيته، فهذا نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا بأس أن يتسمى باسمه، فالنظر على ذلك أن لا بأس أن يتكنى بكنيته، وأن لا بأس أن يجمع بين اسمه وكنيته، فهذا هو النظر في هذا الباب، غير أن اتباع ما ثبت عن رسول الله -عليه السلام- أولى.