للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: "إن ذلك أريد به ما كان أهل الجاهلية. . . ." إلى آخره، وهذا القول منقول عن الشافعي ومالك، فقال البيهقي في "الخلافيات": أنا أبو عبد الله الحافظ محمَّد بن عبد الله والأستاذ أبو الطاهر محمَّد بن محمش الفقيه من أصل كتابه، قالا: ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب، قال: سمعت محمَّد بن عبد الله ابن عبد الحكم يقول: سمعت الشافعي يقول: قال مالك: "الحبس الذي جاء محمَّد -عليه السلام- بإطلاقه هو الذي في كتاب الله -عز وجل- {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (١) قال محمَّد بن عبد الله: كَلَّم به مالك أبا يوسف عند أمير المؤمنين".

وأخرجه في "سننه الكبرى" (٢): من حديث ابن عبد الحكم أيضًا، سمعت الشافعي يقول: "اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين، فتكلما في الوقوف وما يحبسه الناس، فقال يعقوب: هذا باطل، قال شريح: جاء محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بإطلاق الحبس، وقال مالك: إنما جاء محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بإطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائبة.

فأما الوقوف فهذا وقف عمر - رضي الله عنه - حيث استأذن النبي -عليه السلام- فقال: "حَبِّس أصلها وَسبِّل ثمرتها"، وهذا وقف الزبير - رضي الله عنه -. فأعجب الخليفة ذلك منه وبقي يعقوب" قلت: يعني انقطع.

و"البحيرة" من البحر وهو الشق، كانوا إذا ولدت إبلهم سَقْبًا بحروا أذنه -أي شقوها- وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكِيّ، فإذا مات أكلوه وسموه البحيرة.

وقيل: البحيرة هي بنت "السائبة"، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ولم يجزّ وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف، وتركوها مسيَّبَة لسبيلها،


(١) سورة المائدة، آية: [٣].
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٦/ ١٦٣ رقم ١١٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>