للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزفر -رحمهم الله-؛ فإنهم قالوا: لا يجوز القضاء في شيء من الأشياء إلا برجلين أو رجل وامرأتين لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (١) فوجب بطلان القول بالشاهد واليمين، فقد ألزم الله الحكام الحكم بالعدد المذكور بالأمر، والأمر للوجوب؛ فلا يجوز العدول عن العدد المذكور، كما لا يجوز الاقتصار على العدد المذكور في قوله {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٢).

وقال ابن حزم: وروينا إنكار الحكم به عن الزهري، وقال: هو بدعة مما أحدثه الناس، أول من قضى به: معاوية.

وقال عطاء: أول من قضى به: عبد الملك بن مروان.

وأشار إلى إنكاره الحَكَم بن عُتيبة، وروي عن عمر بن عبد العزيز الرجوع إلى ترك القضاء به؛ لأنه وجد أهل الشام على خلافه.

ص: وقال: ما رويتموه عن رسول الله -عليه السلام- مما ذكر فيه أنه قضى باليمين مع الشاهد فقد دخله الضعف الذي لا تقوم معه حجة.

فأما حديث ربيعة عن سهيل؛ فقد سأل الدراوردي عنه سهيلًا فلم يعرفه، ولو كان ذلك من السنن المشهورة والأمور المعروفة إذًا لما ذهب علمه، وأنتم قد تضعفون من الأحاديث ما هو أقوى من هذا الحديث بأقل من هذا.

وأما حديث عثمان بن الحكم، عن زهير بن محمَّد، عن سهيل، عن أبيه، عن زيد بن ثابت؛ فمنكر أيضًا؛ لأن أبا صالح لا تعرف له رواية عن زيد، ولو كان عند سهيل من ذلك شيء ما أنكر على الدراوردي ما ذكره له عن ربيعة ويقول له: لم يحدثني أبي عن أبي هريرة، ولكن حدثني به عن زيد بن ثابت، مع أن عثمان ليس بالذي يثبت مثل هذا بروايته.


(١) سورة البقرة، آية: [١٨٢].
(٢) سورة النور، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>