حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فطعم، فقيل له: ألا توضأ؟ فقال: "إني لا أريد أن أصلي فأتوضأ".
حدثنا أبو بكرة، قال: نا أبو عاصم، قال: نا ابن جريج، قال: أخبرني سعيد بن الحويرث .. فذكر مثله بإسناده.
حدثنا ابن أبي داود، قال: نا محمَّد بن المنهال، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: نا رَوْح بن القاسم، عن عمرو بن دينار .. فذكره بإسناده مثله.
حدثنا محمَّد بن الحجاج، قال: نا خالد بن عبد الرحمن، قال: نا حماد بن سلمة، عن عمرو ... مثله بإسناده.
أفلا ترى أن رسول الله لما قيل له: "ألا توضأ؟ " قال: "أَأُريد الصلاة فأتوضا؟! ".
فأخبر أن الوضوء إنما يُراد للصلاة لا للذكر، فهذا معارض لما رويناه عن ابن عباس في أول هذا الباب، وهذا أولى؛ لأن ابن عباس عمل به بعد رسول الله - عليه السلام - فدلّ عملهُ به على أنه هو الناسخ.
ش: أشار بهذا إلى أن ما روي عن ابن عباس من حديث محمَّد بن ثابت العبدي عن نافع، عنه، الذي مضى ذكره في صدر هذا الباب قد نسخ بما رواه عن سعيد بن الحويرث مخالفا له في حُكمه؛ لأن في حديث محمَّد بن ثابت ذكر أنه - عليه السلام - لم يَرُدّ السلام على ذاك الرجل، وقال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلاَّ أني كنت لست بطاهر"، وفي حديث سعيد بن الحويرث لما قيل له: "ألا توضأ؟ " قال: "أَأُريد الصلاة". وبينهما تعارض ظاهر، ولكن حديث محمَّد بن ثابت منسوخ، والدليل عليه أن ابن عباس عمل بحديث سعيد بن الحويرث بعد النبي - عليه السلام -، وهذا دليل علي أن النسخ ثبت عنده؛ لأن الراوي إذا روى حديثين متعارضين ثم عمل بأحدهما أو أفتى به، يدل على ثبوت نسخ