للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أيضًا (١): من حديث ابن أبي مليكة، عن ابن عباس نحوه.

ص: فإن عارض في ذلك معارض بما حدثنا فهد، قال: نا أحمد بن يونس، قال: أنا زهير، قال: نا جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: "ما أتى رسولُ الله - عليه السلام - الخلاءَ إلا توضأ حين يخرج وضوءه للصلاة".

قالوا: فهذا يدلّ على فساد ما رويتموه عن عائشة: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يذكر الله على كل أحيانه".

قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون كان يتوضأ إذا خرج من الخلاء، ولا يتوضأ إذا بال، فيكون ذلك الحين حين حدث قد كان يذكر الله فيه، فيكون معنى قولها: "كان يذكر الله في كل أحيانه" أي في حين طهارته وحدثه، حتى لا تتضاد الآثار، مع أنه قد خالف ذلك حديث ابن عباس، عن رسول الله - عليه السلام - لما قال: "أأرُيد الصلاة فأتوضأ"، فَدلّ ذلك على أنه لم يكن يتوضأ إلَّا وهو يريد الصلاة، فقد يحتمل أن يكون ما حضرت منه عائشة من الوضوء عند خروجه إنما هو لإرادته الصلاة لا للخروج من الخلاء، ويحتمل أيضًا أن يكون ذلك إخبارا منها عما كان يفعل قبل نزول الآية، وما في حديث خالد بن سلمة إخبارا منهما ما كان يفعل بعد نزول الآية، حتى يتفق ما روي عنها وما روي عن غيرها، ولا يتضاد من ذلك شيئًا.

ش: بيان المعارضة: أن حديث الأسود، عن عائشة يدلّ على أن الذكر وقراءة القرآن لا بد لهما من الطهر، وأنه أيضًا يدل على فساد ما روي عنها: "أن رسول الله - عليه السلام - كان يذكر الله على كل أحيانه" وذلك للتعارض بينهما ظاهرا، والعمل بحديث الأسود أولى، حملا لحال الرسول - عليه السلام - على أكمل الأحوال، والجواب عنها ظاهر.


(١) "المعجم الكبير" (١١/ ١٢٢ رقم ١١٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>