وقال له:"وَالِ أَيهما شئت" على ما يجب في صبي ادعاه رجلان، فإن أقر أحدهما كان ابنه، فلما رَدَّ عمر - رضي الله عنه - حكم ذلك الصبي إلى الصبي المدعى إذا ادعاه رجلان ولم يكن بحضرة الإِمام قائف لا إلى قول القائف؛ دل ذلك على أن القافة لا يجب بقولهم ثبوت نسب من أحد.
ش: أي: فكان من الدليل والبرهان على أهل المقالة الأولى للجماعة الآخرين، وأراد بها الجواب عن أثر عمر - رضي الله عنه - المذكور الذي احتج به هؤلاء فيما ذهبوا إليه، وهو ظاهر.
قوله:"على ما يجب في صبي ادعاه رجلان" أراد أن عمر - رضي الله عنه - حكم في الأثر المذكور بقول الصبي بأن يختار أيهما شاء، كما هو الحكم في الصبي الذي يدعيه اثنان كل واحد يقول: إنه ابنه، فإن الصبي لا يكون إلا لمن أقرّ أنه ابنه، وهاهنا تفصيل: وهو أن الغلام إذا كان في يد إنسان وادعى صاحب اليد أنه ابنه ولدته أمَّه هذه في ملكه، وأقام البينة على ذلك، وادعى خارج أن الغلام ابنه ولدته الأمة في ملكه، وأقام البينة، فإن كان الغلام صغيرًا لا يتكلم يقضى لصاحب اليد لاستوائهما في البينة، فترجح صاحب اليد باليد كما في النكاح، وإن كان كبيرًا يتكلم فقال: أنا ابن الآخر؛ يقضى بالأمة والغلام للخارج؛ لأن الغلام إذا كان كبيرًا يتكلم كان في يد نفسه.
فالنسبة التي يدعيها الغلام أولى، وكذلك لو كان الغلام ولد حرة وهما في يد رجل، فأقام صاحب اليد البينة على أنه ولد على فراشه، والغلام يتكلم ويدعي ذلك، وأقام خارج البينة على مثله؛ يقضي بالمرأة والولد للذي هما في يده لما قلنا، وإن كان الذي في يديه من أهل الذمة والمرأة ذمية، فأقام شهودًا مسلمين، يقضى بالمرأة والولد للذي هما في يده؛ لأن شهادة المسلمين حجة مطلقة، وهاهنا مسائل كثيرة طوينا ذكرها.
ص: وقد روي عن عمر - رضي الله عنه - من وجوه صحاح أنه جعله ابن الرجلين جميعًا: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن توبة العنبري،