ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر: فإنا رأينا الرجل إذا باع من رجل شيئًا، كان له أن يحبسه حتى ينقده الثمن، وإن مات المشتري وعليه دين فالبائع أحق بذلك الشيء من سائر الغرماء، وإن دفعه إلى المشترى ثم مات وعليه دين فالبائع أسوة الغرماء، فكان البائع متى كان محتبسًا لما باع حتى مات المشترى كان أولى به من سائر غرماء المشتري، ومتى دفعه إلى المشتري وقبضه منه فمات، فهو وسائر غرماء المشتري فيه سواء، فكان الذي يوجب له الانفراد بثمنه دون الغرماء إنما هو بقاؤه في يده، فلما كان ما وصفنا كذلك؛ كان كذلك إفلاس المشترى إن كان العبد في يد البائع أولى به من سائر غرماء المشتري، وإن كان قد أخرجه من يده إلى المشتري؛ فهو وسائر غرمائه فيه سواء، فهذه حجة صحيحة.
ش: أي: وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس: فإنا رأينا. . . . إلى آخره، وهو ظاهر.
قوله:"فهذه" إشارة إلى ما ذكره من وجه القياس، والتأنيث باعتبار الحجة.
ص: وحجة أخرى: أَنَّا رأيناه إذا لم يقبضه المشتري وقد بقي للبائع كل الثمن أو نقده بعض الثمن وبقيت له عليه طائفة منه؛ أنه أولى بالعبد حتى يستوفي ما بقي له من الثمن، فكان ببقائه في يده أولى به إذا كان له كل الثمن أو بعض الثمن، ولم يفرق بين شىء من ذلك، بل جعل حكمه حكمًا واحدًا، فلما كان ذلك كذلك، وأجمعوا أن المشتري إذا قبض العبد ونقد البائع من ثمنه طائفة ثم أفلس المشتري؛ أن البائع لا يكون بتلك الطائفة الباقية له أحق بالعبد من سائر الغرماء، بل هو وهم فيه سواء، وكذلك إذا بقي له ثمنه كله حتى أفلس، فلا يكون بذلك أحق بالعبد من سائر الغرماء، ويكون هو وهم فيه سواء، فيستوى حكمه إذا بقي له كل الثمن على المشتري أو بعض الثمن حتى أفلس المشتري، كما استوى بقاؤهما جميعًا له عليه حتى كان الموت الذي أجمعوا فيه على ما ذكرنا؛ فثبت بالنظر ما ذكرنا من ذلك.