قوله:"فِ بنذرك" أصله: أَوْف؛ لأنه أمر من وفى يفي، كَقِ أمرٌ من وَقَّى يَقِي، أصله يَوْفي، حذفت "الواو"؛ لوقوعها بين الياء والكسرة، فصار يفي على وزن يَعِل والأمر منه "فِ".
قوله:"أُراه" بضم الهمزة أي أظنه.
قوله:"بالِجعْرانة" بكسر الجيم وسكون العين المهملة.
وقد تكسر العين وتشدد الراء، وهو موضع قريب من مكة، وهي في الحل، وميقات للإحرام.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا أوجب على نفسه شيئًا في حال شركه، من اعتكاف أو صدقة أو شيء مما يوجبه المسلمون لله، ثم أسلم؛ أن ذلك واجب عليه، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: طاوسًا، وقتادة، والحسن البصري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجماعة الظاهرية؛ فإنهم قالوا: إذا أوجب المشرك على نفسه شيئًا من اعتكاف أو صدقة أو عتق أو نحو ذلك، ثم أسلم؛ يجب عليه الوفاء به.
وقال ابن حزم (١): ومن نذر في حال كفره طاعةً لله -عز وجل-، ثم أسلم؛ لزمه الوفاء به.
ثم قال: وروينا عن طاوس: "من نذر في كفره، ثم أسلم، فليوف بنذره".
وعن الحسن وقتادة مثله.
وبهذا يقول الشافعي وأبو سليمان وأصحابهما.
وقال الخطابي: قوله -عليه السلام- لعمر - رضي الله عنه - "فِ بنذرك" يدل على تعلق ذمته بما نذره في الجاهلية، وفيه دليل على أنه يؤاخذ بتوابع الأحكام التي كانت مبَادئها في حالة الكفر، فلو حلف في الجاهلية وحنث في الإِسلام لزمته الكفارة، وهذا أصل الشافعي.