وقد تأوله بعض الناس فقال: معنى السعاية: أن يستسعى العبد لسيده، أي يستخدم، ولذلك قال:"غير مشقوق عليه" أي لا يحمَّل فوق ما يلزمه من الخدمة إلا بقدر ما فيه من الرق، ولا يطالب بأكثر منه.
وأيضًا لم يذكر ابن أبي عروبة السعاية في روايته عن قتادة، وفيه اضطراب؛ فدل أنها ليست من متن الحديث عنده، وإنما هي من كلام قتادة، ويدل على صحة ذلك حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
وقال أبو عمر بن عبد البر (١): روى أبو هريرة هذا الحديث على خلاف ما رواه ابن عمر، واختلف في حديثه وهو حديث يدور على قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
واختلف أصحاب قتادة عليه في الاستسعاء، وهو الموضع المخالف لحديث ابن عمر في رواية مالك وغيره، واتفق شعبة وهمام على ترك ذكر السعاية في هذا الحديث، والقول قولهم في قتادة عند جميع أهل العلم بالحديث إذا خالفهم في قتادة غيرهم، وأصحاب قتادة الذين هم حجة فيه هؤلاء الثلاثة، فإن اتفق هؤلاء الثلاثة لم يعرج على من خالفهم في قتادة، وإن اختلفوا نظر، فإن اتفق منهم اثنان وانفرد واحد فالقول قول الاثنين لاسيما إذا كان أحدهما شعبة، وليس أحد بالجملة في قتادة مثل شعبة لأنه كان يوقفه على الإسناد والسماع، وقد اتفق شعبة وهشام في هذا الحديث على سقوط ذكر الاستسعاء فيه، وتابعهما همام وفي هذا تقوية لحديث ابن عمر وهو حديث مدني صحيح لا يقاس به غيره، وهو أولى ما قيل به في هذا الشأن.
وقال البيهقي: ضعف الشافعي السعاية بوجوه: منها: أن شعبة وهشامًا روياه عن قتادة وليس فيه استسعاء، وهما أحفظ.