الشافعي وَهَّنَه فقال: ثنا إبراهيم، عن مصعب، عن عطاء قال:"زعم الحسن. . . ." ثم ذكره فجعله من مرسلات الحسن.
قلت: الراوي من طريق أبي داود عن مصعب هو عبد الله بن المبارك كما صرح به أيضًا من طريق الطحاوي، وهو جبل من الجبال، فكيف تعارض روايته رواية إبراهيم، وأظنه بن أبي يحيى وهو ضعيف جدًّا، وعلى تقدير صحة هذه الرواية, فالمرسل حجة عند خصم الشافعي سواء كان من جهة الحسن أو من جهة عطاء. فافهم.
فإن قيل: ذكر البيهقي عن الشافعي أنه قال: ومما يدلك على وهن هذا عند عطاء -إن كان رواه- أن عطاء كان يفتي بخلافه، ويقول فيما ظهر هلاكه أمانة، وفيما خفي هلاكه: يترادان الفضل، وهذا أثبت الروايات عنه، وروي عنه: يترادان مطلقًا, ولا شك أن عطاء لا يروي عن النبي -عليه السلام- ويقول بخلافه.
قلت: لم يسند الشافعي قول عطاء حتى ننظر فيه، وقد قال الطحاوي: ثنا ابن مرزوق، ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عطاء:"في رجل رهن رجلًا جاريةً فهلكت، قال: هي حق المرتهن".
وهذا إسناد جيد يظهر به أن قول عطاء موافق لحديثه المرسل لا مخالف له، ثم لو ثبت أن قوله مخالف لما رواه، فالعبرة عند الشافعي وأكثر المحدثين لما روى لا لما رأى، على ما عرف.
ص: وقد روي عن النبي -عليه السلام- من جهة أخرى ما يوافق ذلك أيضًا:
حدثنا أبو العوام محمَّد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: "أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم منهم: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمَّد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجه بن زيد وعبيد الله بن عبد الله في مشيخة من نظرائهم، أهل فقه وصلاح وفضل، فذكر جميع ما جُمع من