قلت: لعل هذا يكون محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني المشهور الثقة، فإن معن بن عيسى قد روى عنه. والله أعلم.
ثم اعلم أن طائفة قد ذهبوا إلى ظاهر هذين الحديثين، وقالوا: تجب الشفعة في كل شيء من الأرضين والحيوان والثياب وغيرها.
ونقل ذلك أيضًا عن عطاء بن أبي رباح وعبد الله بن أبي مليكة، وهو مذهب أهل الظاهر.
وقال ابن حزم في "المحلى"(١): الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعًا غير مقسوم بين اثنين فصاعدًا من أي شيء كان مما ينقسم ومما لا ينقسم من أرض، أو شجرة واحدة فأكثر، أو عبدًا، أو أَمَة، أو ثوب، أو من سيف، أو من طعام، أو من حيوان، أو أي شيء بيع لا يحل لمن له ذلك الجزء أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه أو شركائه فيه، فإن أراد من يشركه فيه الأخذ له بما أعطاه فيه غيره، فالشريك أحق به، وإن لم يرد أن يأخذه فقد سقط حقه ولا قيام له بعد ذلك إذا باعه ممن باعه، فإن لم يعرض عليه كما ذكرنا حتى باعه من غير مَن يشركه، فمن يشركه مُخَيِّر بين أن يمضي ذلك البيع وبين أن يبطله ويأخذ ذلك الجزء لنفسه بما بيع به.
ثم قال: وقال أبو حنيفة والشافعي: لا شفعة إلا في الأرض فقط، أو في أرض بما فيها من بناء أو شجر نابت فقط، وقال مالك: الشفعة واجبة في الأرض وحدها، وفي الأرض بما فيها من بناء أو شجر نابت، أو في الثمار التي في رءوس الشجر، وإن بيعت دون الأصول.
وقال أبو عمر: اختلف مالك وأصحابه في الشفعة في الثمرة إذا بيعت حفنة منها دون الأصل، فأوجب الشفعة فيها للشريك ابن وهب وابن القاسم وأشهب، ورووه عن مالك.