إلا أن يصطلح هو إن كان حيًّا، أو وارثه إن كان ميتًا، والذي وجب ذلك عليه على شيء، فيكون الصلح جائزًا على ما اصطلحا عليه من دية أو غيرها.
وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أشار بهذا إلى الجواب عن قول أهل المقالة الأولى: "أن للولي أن يأخذ الدية، وإن كره ذلك الجاني" وبيَّن أن هذا فاسد؛ لأن هذا لا يخلو عن أحد الوجوه الثلاثة: وهي أن يكون الواجب على القاتل هو القصاص والدية جميعًا، أو القصاص وحده ولكن له أخذ الدية بدلًا منه، أو يكون الولي مخيرًا بينهما؛ فلا سبيل إلى الأول لفساده بالنص، وهو قوله تعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}(١)، ولا سبيل إلى الثاني أيضًا على الوجه الذي ذكرتم؛ لأن الرضا شرط، ولا نجد حقًّا لرجل يكون له أخذ بدله بغير رضا مَن عليه ذلك الحق.
فإن اعترض معترض بمسألة القلب إذا كسره رجل، وبالثوب الذي غصبه رجل فقطعه قطعًا استهلك به؛ فجوابه ما ذكرنا فيما مضى من هذا الباب.
ولا سبيل إلى الثالث أيضًا على الوجه الذي ذكرتم، وبَيَّن فساده بقوله:"وإن قلتم: إن الذي وجب له هو أحد أمرين. . . ." إلى آخره.
فإذا بطلت هذه الوجوه، ثبت أن الواجب على القاتل عمدًا أو الجارح عمدًا هو القصاص لا غير؛ إلا أن يأخذ المال بالتراضي كما ذكرنا. والله أعلم.