للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كنا أمرنا به معروفًا، وكان المغيرة قد ضرب عليه في كل يوم درهمين، ثم سأل من عمر أن يزيد في خراجه، فإنه نجار نقاش حداد فزاد في خراجه إلى مائة في كل شهر، وقال: لقد بلغني أنك تحسن أن تعمل رحًى تدور بالهواء فقال أبو لؤلؤة: أما والله لأعملن لك رحًى يتحدث الناس بها في المشارق والمغارب، وكان هذا الكلام يوم الثلاثاء عشيةً، وطعنه صبيحة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين، وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال، وعمره يوم مات: خمس وستون، وقيل: ست، وقيل: سبع وعن ابن عباس: ست وستون، وصلى عليه صهيب الرومي.

وقال ابن أبي شيبة في "مصنفة" (١): ثنا وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون قال: "كنت أدع الصف الأول هيبة لعمر - رضي الله عنه -، وكنت في الصف الثاني يوم أصيب، فجاء فقال: الصلاة عباد الله، استووا، قال: فصلى بنا، فطعنه أبو لؤلؤة طعنتين أو ثلاثًا، قال: وعلى عمر - رضي الله عنه - ثوب أصفر، قال: فجمعه على صدره ثم أهوى وهو يقول: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (٢)، فقَتَل وطعن ثلاثة عشر -أو اثني عشر- قال: ومال الناس عليه، فاتكأ على خنجره فقتل نفسه".

قوله: "ومعه الهرمزان" وهو الهرمزان صاحب تستر، وكان مجوسيًّا، ولما فتحت الصحابة مدينة تستر في سنة سبع عشرة من الهجرة أسروا الهرمزان هذا، وسيروه مع الجيش على يد وفد فيهم أنس بن مالك خادم النبي -عليه السلام- إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فلما بعثهم ثاروا -أي: فلما فاجأهم نهضوا وقاموا- يقال: بَعَثَهُ يَبعَثُهُ بَعْثًا أي فاجأه، ويقال: ثار الشيء يثور إذا انتشر وارتفع.

قوله: "ومَمْسَكه" بفتح الميم وهو موضع المسك.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٧/ ٤٣٨ رقم ٣٧٠٦٨).
(٢) سورة الأحزاب، آية: [٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>