المسيب، عن أبي هريرة أنه قال:"أتى رجل من المسلمين رسول الله -عليه السلام- وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله، إني زنيت. . . ." إلى آخره نحوه.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا بشير بن المهاجر الغنوي، قال: حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال:"كنت جالسًا عند النبي -عليه السلام- فأتاه رجل يقال له: ماعز بن مالك، فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت وإني أريد أن تطهرني، فقال له: ارجع، فلما كان من الغد أتاه أيضًا فاعترف عنده بالزنا، فقال له النبي -عليه السلام-: ارجع، ثم أرسل النبي -عليه السلام- إلى قومه فسألهم عنه، فقال: ما تقولون في ماعز بن مالك، هل ترون به بأسًا أو تنكرون من عقله شيئًا؟ فقالوا: يا رسول الله، ما ننكر من عقله شيئًا، وما نرى به بأسًا، ثم عاد إلى النبي -عليه السلام- الثالثة فاعترف أيضًا عنده بالزنا، فقال: يا رسول الله، طهرني، فأرسل النبي -عليه السلام- إلى قومه فسألهم عنه، فقالوا له كما قالوا له في المرة الأولى: ما نرى به بأسًا وما ننكر من عقله شيئًا، ثم رجع إلى النبي -عليه السلام- الرابعة فاعترف عنده بالزنا، فأمر به النبي -عليه السلام- فحفرت له حفرة فجعل فيها إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه، قال بريدة: كنا نتحدث بيننا أصحاب النبي -عليه السلام- أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلب، وإنما رجمه عند الرابعة".
فلما كان رسول الله -عليه السلام- لم يرجمه بإقراره مرة ولا مرتين ولا ثلاثًا، دل ذلك أن الحد لم يكن وجب عليه بذلك الإقرار، ثم رجمه رسول الله -عليه السلام- بإقراره في المرة الرابعة، فثبت بذلك أن الإقرار بالزنا الذي يوجب الحد على المُقرِّ هو إقراره أربع مرات، فمن أقر كذلك حُد، ومن أقر أقل من ذلك لم يُحد، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-، وقد عمل بذلك علي - رضي الله عنه - في شراحة فرددها أربع مرات.
ش: ذكر حديث بريدة - رضي الله عنه - لكونه دليلًا صريحًا على اشتراط الإقرار أربع مرات في وجوب الحد على الزاني.