ش: هذا جواب عما قاله من ذهب إلى تثبيت القرعة، وحاصله أن قرعة النبي -عليه السلام- في حديث عائشة إنما كانت لتطييب قلوب نسائه ولم تكن واجبةً عليه، ونحن أيضًا نقول بذلك على هذا الوجه.
قوله:"في موضعه" أراد به باب: "القافة" فإنه استوفى الكلام فيه هناك.
ص: ومن ذلك: الخصمان يحضران عند الحاكم فيدعي كل واحد منهما على صاحبه دعوى، فينبغي للقاضي أن يقرع بينهما، فأيهما قرع بدأ بالنظر في أمره، وله أن ينظر في أمر من شاء منهما بغير قرعة، فكان أحسن به لبعد الظن به، في هذا استعمال القرعة كما استعملها رسول الله -عليه السلام- في أمر نسائه.
ش: أي ومن القبيل المذكور -وهو استعمال القرعة لتطييب القلوب-: الخصمان يحضران عند القاضي ويتخاصمان في شيء، فإن القاضي له أن يقرع بينهما في البداءة بالنظر في أمرهما، فمن خرجت قرعته بدأ بالنظر في أمره، فإن ذلك أيضًا لتطييب قلبهما ومع هذا له أن ينظر في أمر من شاء منهما بغير قرعة، وهذا لا خلاف فيه.
فدل أن القرعة ليست بواجبة.
ص: وكذلك عَمِلَ المسلمون في أقسامهم بالقرعة بما عدلوه بين أهلهم، فيما لو أمضوه بينهم لا عن قرعة كان ذلك مستقيمًا، فأقرعوا بينهم لتطمئن به قلوبهم، وترتفع الظنة عمن تولى لهم قسمته، ولو أقرع بينهم على طوائف من المتاع الذي لهم قبل أن يعدل ويسوي قيمته على أملاكهم منه كان ذلك القسم باطلًا، فثبت بذلك أن القرعة إنما فعلت بعد أن تقدمها ما يجوز القسم به، وأنها إنما أريدت لانتفاء الظن لا بحكم يجب بها، فكذلك نقول: كل قرعة تكون كمثل هذا فهي حسنة، وكل قرعة يراد بها وجوب حكم وقطع حقوق متقدمة، فهي غير مستعملة.
ش: أي وكذلك -لتطييب القلوب- عمل المسلمون في أقسامهم بالقرعة وهو جمع قِسْم بكسر القاف.