سبحان الله، هذا من الشيطان، لتَجْلِس في مِرْكَنٍ، فإذا رأت صُفْرَة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا، ثم تغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا، وتتوضأ فيما بين ذلك".
فقوله: "فيما بين ذلك" يحتمل: تتوضأ لما يكون بها من الأحداث التي يُوجَبُ بها نقضُ الطهارات، ويحتمل: تتوضأ للصبح، فليس فيه دليل على خلاف ما تقدمه من حديث شعبة وسفيان.
قالوا: فهذه الآثار قد رويت عن النبي - عليه السلام - كما ذكرنا في جمع الظهر والعصر بغسل واحد، فبهذا نأخذ، وهي أولى من الآثار الأُوَل التي فيها ذكر الأمر بالغسل لكل صلاة؛ لأنه قد رُوي ما يدل على أن هذا هو ناسخ لذلك، فذكروا ما:
حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا الوهبي، قال: حدثنا محمَّد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إن سهلة بنت سهيل بن عمرو استحيضت، وإن النبي - عليه السلام - كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع الظهر والعصر في غسل واحد، والمغرب والعشاء في غسل واحد، وتغتسل للصبح".
قالوا: فدلَّ ذلك على أن هذا الحكم ناسخ للحكم الذي في الآثار الأُوَل, لأنه إنما أمر به بعد ذلك، فصار القول به أولى من القول بالآثار الأُوَل.
ش: حديث أسماء بنت عُمَيْس من جملة ما احتجت به أهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه من ثلاث اغتسالات: غسل للظهر والعصر، وغسل للمغرب والعشاء، وغسل للصبح.
ورجال إسناده ثقات، إلا أن يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني فيه كلام كثير؛ ضعفه ناس ووثقه آخرون، ونسبته إلى حمان -بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم- قبيلة من تميم.