فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا عبد الله بن نافع المدني، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير المكي، عن جابر بن عبد الله:"أن رسول الله -عليه السلام- بلغه أن رجالا يكرون مزارعهم بنصف ما يخرج منها، وبثلثه بالماذيانات، فقال في ذلك رسول الله -عليه السلام-: مَن كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه، فإن لم يفعل فليمسكها".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، أن أبا الزبير المكي حدثه، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: "كنا في زمن رسول الله -عليه السلام- نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات، فنهى رسول الله -عليه السلام- عن ذلك".
حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:"كنا نخابر على عهد رسول الله -عليه السلام- فنصيب من كذا، فقال: مَن كانت له أرض فليزرعها أو ليجريها أخاه وإلا فليدعها".
فأخبر أبو الزبير في هذا عن جابر بالمعنى الذي وقع النهي من أجله، وأنه إنما هو لشيء كانوا يصيبونه في الإجارة، فكأن النهي من قِبَل ذلك جاء، وقد يحتمل أن يكون معنى حديث ثابت بن الضحاك الذي ذكرنا كذلك، والله أعلم.
وأما حديث رافع بن خديج فقد جاء بألفاظ مختلفة اضطرب علينا من أجلها. فأما حديث ابن عمر عنه فهو مثل حديث ثابت بن الضحاك:"أن رسول الله -عليه السلام- نهى عن المزارعة"، فهو يحتمل أيضًا ما وصفنا من معاني حديث ثابت على ما ذكرنا وبيَّنا، وأما مَن رواه على مثل ما روى جابر، فيحتمل أيضًا ما وصفنا مما يحتمله حديث جابر - رضي الله عنه -.
ش: لما أخرج الأحاديث المذكورة عن أربعة أنفس من الصحابة وهم: رافع بن خديج، وعبد الله بن عمر، وثابت بن الضحاك، وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -، وكانت مختلفة الألفاظ متباينة المعاني، ولم يكن بُيِّنَ فيها ما الذي نهى عنه، ولا