للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة، عن محيصة رجل من بني حارثة كان له حجام، واسم الرجل محيصة: "سأل رسول الله -عليه السلام- عن ذلك فنهاه أن يأكل كسبه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد فنهاه، ثم عاد فنهاه، فلم يزل يراجعه حتى قال له رسول الله -عليه السلام-: اعلف كسبه ناضحك، وأطعمه رقيقك".

حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة الحارثي، عن أبيه: "أنه سأل رسول الله -عليه السلام-. . . ." ثم ذكر مثله.

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب. . . . فذكر بإسناده مثله.

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب، عن حرام بن محيصة، حدثني حارثة، عن أبيه. . . . فذكر مثله.

فدل ما ذكرنا أن ما كان من رسول الله -عليه السلام- من الإباحة في هذا إنما كان بعد نهيه عنه نهيًا مطلقًا، على ما في الآثار الأُوَل، وفي إباحة النبي -عليه السلام- أن يطعمه الرقيق والناضح دليل على أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الدي لا يحل للرجل كله لا يحل له أيضًا أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه؟ لأن رسول الله -عليه السلام- قد قال في الرقيق: "أطعموهم مما تأكلون"، فلما ثبت إباحة النبي -عليه السلام- لمحيصة أن يعلف ذلك ناضحه، ويطعم رقيقه من كسب حجامه، دل ذلك على نسخ ما كان تقدم من نهيه عن ذلك، وثبت حل ذلك لغيره، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهذا هو النظر أيضًا عندنا؛ لأنا قد رأينا الرجل يستأجر الرجل ليفصد له عرقًا أو يبزغ له حمارًا فيكون ذلك جائزًا، والاستئجار على ذلك جائزًا، والحجامة أيضًا كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>