للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمنزلة قبول الوديعة، فإذا ردها إلى مكانها فقد ضيعها بترك الحفظ الملتزم.

قلت: حديث عمر - رضي الله عنه - حجة عليه في هذا الإطلاق، والصحيح التفصيل، وذلك لأنه إذا لم يذهب بها لم يكن متعديًا فلا ضمان عليه إذا هلكت؛ لأنه كان متبرعًا في أخذها ليحفظها، فإذا ردها إلى مكانها فقد فسخ التبرع من الأصل، فصار كأنه لم يأخذها أصلًا، بخلاف ما إذا ذهب بها ثم ردها لأنه حينئذ يصير متعديًا، فيجب عليه الضمان.

وأما قول الذهبي فغير صحيح؛ لأنه لو كان الإرسال واجبًا عليه لعدم جواز التقاط الضالة لكان عمر - رضي الله عنه - أمره بالإرسال في الأول، ولم يأمره بالتعريف، فحيث أمره بالتعريف دل على جواز التقاط الضالة، ودل أيضًا أن حكم الضالة كحكم اللقطة، وأنهما سواء.

ص: وكذلك روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في ذلك أيضًا: ما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا العوام بن حوشب، قال: حدثني العلاء بن سهيل: "أنه سمع عبد الله بن عمر سئل عن الضالة من القدح والشيء يجده الإنسان، فقال: اتق خيرها بشرها، وشرها بخيرها، ولا تضمها؛ فإن الضالة لا يضمها إلا ضال".

وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود وبشر بن عمر، قالا: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت قال: "سمعت رجلًا سأل ابن عمر عن الضالة، فقال: ادفعها إلى السلطان".

وحدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا همام، عن نافع وأنس بن سيرين: "أن رجلًا سأل ابن عمر - رضي الله عنه - فقال له: إني أصبت ناقة، فقال: عرفها، فقال: قد عرفتها فلم تعرف، فقال: ادفعها إلى الوالي".

وحدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: "سمعت ابن عمر وسئل عن الضالة، فقال: ادفعها إلى السلطان أو إلى الأمير".

<<  <  ج: ص:  >  >>