قوله:"نقول" مقول "قالوا"، والباء في "فبما" تتعلق به، أي نقول بالذي رويناه عن رسول الله - عليه السلام - وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
ص: فعارضهم معارض فقال: أما حديث أبي حنيفة الذي رواه عن هشام بن عروة فخطأ؛ وذلك لأن الحفاظ عن هشام رووه على غير ذلك، فذكروا ما:
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث وسعيد بن عبد الرحمن ومالك بن أنس والليث، عن هشام بن عروة، أنه أخبرهم عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت النبي - عليه السلام - وكانت تستحاض- فقالت: يا رسول الله، إني والله ما أطهر أفأدع الصلاة أبدا؟ فقال رسول الله - عليه السلام -: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، وإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم ثم صلي".
حدثنا محمَّد بن علي بن داود، قال: نا سليمان بن داود الهاشمي، قال: أنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه وهشام كلاهما، عن عروة، عن عائشة مثله.
قالوا: فهكذا روى الحفاظ هذا الحديث عن هشام بن عروة، لا كما رواه أبو حنيفة - رضي الله عنه -.
فكان من الحجة عليهم في ذلك أن حماد بن سلمة قد روى هذا الحديث عن هشام فزاد حرفا يدل على موافقته لأبي حنيفة: حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: نا حجاج ابن المنهال، قال: نا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي - عليه السلام - بمثل حديث يونس عن ابن وهب، وحديث محمَّد بن علي عن سليمان ابن داود، غير أنه قال:"فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي".
ففي هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - أمرها بالوضوء مع أمره إياها بالغسل، فذلك الوضوء هو الوضوء لكل صلاة، فهذا معنى حديث أبي حنيفة، وليس حماد بن سلمة عندكم في هشام بن عروة، بدون مالك والليث وعمرو بن الحارث.