للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانتهره عمر - رضي الله عنه -، فأقبل عليه حسان فقال: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك، فانطلق عنه عمر - رضي الله عنه -. . . ." الحديث.

وأخرجه البخاري (١) ومسلم (٢) وأبو داود (٣) والنسائي (٤) وقد ذكرناه هناك.

ص: وكان حديث يونس الذي قد بدأنا بذكره في أول هذا الباب قد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- أراد بذلك الشعر الذي نهى عنه أن ينشد في المسجد، هو الشعر الذي كانت قريش تهجوه به.

ويجوز أن يكون من الشعر الذي تؤبن فيه النساء وترزأ فيه الأموات، على ما قد ذكرناه في باب "رواية الشعر" من جواب الأنصاري من أصحاب رسول الله -عليه السلام- لابن الزبير بذلك حين أنكر عليهم إنشاد الشعر حول الكعبة.

وقد يجوز أن يكون أراد بذلك: الشعر الذي يغلب على المسجد حين يكون كل من فيه -أو كثر من فيه- متشاغلًا بذلك، كمثل ما تأول عليه ابن عائشة وأبو عبيد قول رسول الله -عليه السلام-: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرًا" على ما قد ذكرنا ذلك عنهما في غير هذا الموضع.

فيكون الشعر المنهي عنه في هذا الحديث هو خاص من الشعر، وهو الذي فيه معنى من هذه المعاني الثلاثة التي ذكرنا؛ حتى لا يضاد ذلك ما قد رويناه عن رسول الله -عليه السلام- من إباحة ذلك، وما عمل به أصحابه من بعده.

ش: أشار بذلك إلى وجه التوفيق بين الحديث الذي احتجت به أهل المقالة الأولى، وهو حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

وبين الحديث الذي احتجت به أهل المقالة الثانية لوجود التعارض بينهما ظاهرًا، وبَيَّنَ ذلك من ثلاثة أوجه:


(١) "صحيح البخاري" (٣/ ١١٧٦ رقم ٣٠٤٠).
(٢) "صحيح مسلم" (٤/ ١٩٣٢ رقم ٢٤٨٥).
(٣) "سنن أبي داود" (٤/ ٣٠٣ رقم ٥٠١٣).
(٤) "المجتبى" (٢/ ٤٨ رقم ٧١٦) و"السنن الكبرى" (١/ ٢٦٢ رقم ٧٩٥)، (٦/ ٥١ رقم ٩٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>