وروى داود بن أبي هند وعاصم، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة:"تغتسل كل يوم مرة".
قوله:"فلما" بتشديد الميم.
وقوله:"ثبت بجوابها ذلك" جواب "لمَّا".
قوله:"وقد رُوي ذلك كله عنها، جملة وقعت حالا، أي: عن عائشة.
قوله: "الحكمين الآخرين" بفتح الخاء، وأراد بهما حكم وجوب الغسل عند كل صلاة، وحكم وجوب الجمع بين الصلاتين بغسل.
ص: وقد يجوز في هذا وجه آخر: يجوز أن يكون ما رُوي عن النبي - عليه السلام -، في فاطمة بنت أبي حُبَيْش، لا يُخالف ما رُوي عنه في أمر سهلة بنت سُهَيل؛ لأن فاطمة بنت أبي حبيش كانت أيامها معروفة، وسهلة كانت أيامها مجهولة، إلا أن دمها ينقطع في أوقات ويعود بعدها، وهي قد أحاط علمها أنها لم تخرج من الحيض بعد غسلها إلى أن صلت الصلاتين جميعا.
فإن كان ذلك كذلك، فإنا نقول بالحديثين جميعًا، فنجعل حكم حديث فاطمة على ما صرفناه إليه، وحكم حديث سهلة على ما صرفناه إليه.
وأما حديث أم حبيبة فقد رُوي مختلفا؛ فبعضهم يذكر عن عائشة أن رسول الله - عليه السلام - أمرها بالغسل عند كل صلاة ولم يذكر أقرائها، فقد يجوز أن يكون أمرها بذلك ليكون ذلك الماء علاجا لها, لأنه يُقلِّصُ الدمَ في الرحم فلا يسيل، وبعضهم يرويه عن عائشة: أن النبي - عليه السلام - أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل لكل صلاة.
فإن كان ذلك كذلك فقد يجوز أن يكون أراد به ما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا؛ لأن دمها سائل دائم السيلان، وليست صلاة إلا تحتمل أن تكون عندها طاهرا من حيض، ليس لها أن تصليها إلا بعد الاغتسال، فأمرها بالغسل لذلك، فإن كان