(١) حجة الله البالغة [ص:٣٥٥]، ويلاحظ القارئ أن هذه الكلمات تتضمن تحميد الله وتقديسه، كما أنها تصور بشكل ملموس النصر الإلهي للماديين، فمنذ سنوات قلائل كان محمد - صلى الله عليه وسلم - وحيدا في مكة، وتبعه في دعوته قلة تعد على الأصابع وكانوا يجتمعون سرا في دار الصحابي ابن الأرقم الواقعة في حضن جبل الصفا، ثم زاد عددهم قليلا، ثم هاجر بعضهم إلى الحبشة، وبقي بعضهم في مكة فزج بهم في السجن، وظل محمد - صلى الله عليه وسلم - محصورا في الشعب ثلاثة أعوام، ولما صعب على المسلمين الإقامة بمكة هاجروا جميعا إلى المدينة فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنح الظلام لا يرافقه سوى صاحبه فأحزن خروجهما سالمين كفار مكة، فظلوا يهاجمون المسلمين طيلة تسع سنوات، وفي النهاية عجزوا وسكتوا، والآن محمد كما هو والعرب كما هي وقمم الجبال تهتز بنداء التوحيد، شخص واحد ينال هذا النجاح الباهر بعد كل هذه العداوات والخصومات والحروب والمؤامرات وهو نجاح يأتي تفسيرا لقوله "أنجز وعده ونصر عبده" وفي سفر أشعيا (٤٢/ ١١) جاء ما يلي: "لتترنم سكان سلع من رؤوس الجبال ليهتفوا ليعطوا الرب مجدا". (٢) في سفر أشعيا (٤٢/ ١١) "غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحة من أقصى الأرض". (٣) ولينظر القارئ رؤيا يوحنا اللاهوتي (١٤/ ١ - ٥) وينبغي أن نتذكر هذا الدرس المتعلق بالرؤيا الذي جاء فيه: "رؤيا يسوع المسيح التي أعطاه إياها الرب ليرى عبيده ما لابد أن يكون عن قريب". ويظهر من هذا أن الرؤيا التي وقعت بعد غياب المسيح عن هذه الدنيا تتعلق بالفترة التالية له، وهذا ما يعتقده النصارى أيضا. =