للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سميت هذه الحرب بحرب الجمل لأن هودج عائشة كان على جمل اسمه العسكر. وكان خصمها في هذه الحرب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. ولما انتهت الحرب قالت عائشة: إن مثل ما بيني وبين علي مثل ما بين المرأة وحموها فقال علي، والله هذا لصحيح، قال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} (سورة الحجرات: ٩).

وأرى أن هذه أول حرب تقاتلت فيها فئتان مؤمنتان، ونظرا إلى هذا ينبغي لنا أن نقرأ هنا إلى قوله تعالى {إن الله تواب رحيم} فهذا يزيل كثيرا من الشبهات والظنون.

ويؤيد صدق عائشة وحبها لعلي وفاطمة ما ورد في الترمذي عن جميع بن عمير قال: دخلت مع عمتي على عائشة رضي الله تعالى عنها فسئلت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: فاطمة. قيل من الرجال؟ قالت: زوجها" (١).

وكذلك يؤيده حديث عائشة الذي رواه مسلم في صحيحه (٢). وهو: {ليذهب عنكم الرجس أهل البيت}.

والمراد بأهل البيت هنا الحسن والحسين وعلي وفاطمة.

وفي الأيام التي بدأت فيها حرب الجمل كان عمار بن ياسر رضي الله عنه قد ألقى في مسجد الكوفة أمام رفقاء علي خطبة جاء فيها:

إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها (٣).

وننقل هنا بعض ما قالته عائشة رضي الله عنها من الخصائص التي كانت تفتخر بذكرها "توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ونوبتي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه، قالت: دخل عبد الرحمن بسواك فضعف النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذته فمضضته ثم سننته".


= وكل طائفة تظن أن الأخرى بدأ بها القتال. وبرهان ذلك أن أم المؤمنين والزبير وطلحة رضي الله عنهم ومن كان معهم ما أبطلوا قط إمامة علي ولا طعنوا فيها ولا ذكروا فيه شيئا يحط عن الإمامة، ولا أحدثوا إمامة أخرى ولا جددوا بيعة لغيره. هذه الوجوه كلها تدل على أن الحرب كانت حادثا وقع عرضا لم يدبر لها أحد من الفريقين. (الفصل في الملل والنحل (٤/ ١٥٨) ط مصر ١٣١٧هـ.
(١) الترمذي في المناقب: باب فضل فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - (٥/ ٧٠١ رقم ٣٨٧٤).
(٢) مسلم في فضائل الصحابة: باب فضائل أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢/ ١٨٨٣ رقم ٢٤٢٤).
(٣) البخاري في فضائل الأصحاب: باب فضل عائشة رضي الله عنها (٤/ ٢٢٠).

<<  <   >  >>