للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا فكل صحابي في ذلك الجناب المقدس كان سحابة رحمة لمزرعة العلوم.

فحينما نرى أن مرويات عائشة بلغت (٢٢١٠) رواية، ومثلها مرويات ابن عمر، وأنس بن مالك وأن مرويات أبي هريرة بلغت (٥٣٧٤) رواية، وغيرهم من الصحابة المكثرين مثل: ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، تيقنا أن كل طالب في هذه المدرسة المحمدية الميمونة يستأهل أن يكون معلما للعالمين.

ولا يغيىبن عن البال أن هؤلاء الصلحاء من العرب وصفوا بأنهم {أميون لا يعلمون الكتاب} (١) لكن تربية النبي (ص) جعلتهم يحتلون مكانة عليا في مجال العلوم والمعرفة، حتى أن أتباعهم الذين ورد فيه {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} (٢) زينوا مجلس التدريس؛ فالحق أن جود النبي (ص) وعطاءه قد عمم العلم وبلغ به ذروة الكمال.

وكان أتباعه هم الذين أنشأوا مئات من المدارس والكتاتيب في أسبانيا وغرناطة وبغداد وصقلية وتونس والجزائر والتركستان والصين وبلاد التتار، تلك التي كان يتلقى فيها الدراسة المسلم وغير المسلم دون تفرقة، ولذا تعترف أوربا دون أدنى إنكار بأن هذه البلاد الإسلامية لها دور الأستاذ والمعلم.

ولو قارنا بين موقف الأساقفة من العلوم الجديدة ومعارضتهم لها، وبين موقف المسلمين من العلوم القديمة ونشرها بصدور مفتوحة، ثم استمرارهم في تأسيس العلوم الجديدة ودعمها وتأييدها لتبين لنا بوضوح أن المسلمين فقط هم الذين قاموا بنشر العلوم في العالم منذ البداية، وكان دأبهم هذا تمسكا بتوجيهات النبي (ص) الكريم (ص)، وهكذا صارت أعمال أتباع محمد (ص) أيضا بيانا لسنن هديه وبرهانا لأسوته الحسنة، وهذه خاصية توجد بكمالها في النبي (ص) وحده.

وإتماما لهذا الحديث أذكر بإيجاز ضيق نظر النصارى في نشر العلوم الحديثة وسعة نظر المسلمين في نفس المجال.

أبدى (دي رومانس) نظريته في ((قوس قزح)) قائلا بأنه انعكاس أشعة الشمس في المطر، ومن الخطأ أن نظنه قوس حرب للرب أو علامة انتقام منه، بسبب هذه النظرية ألقى


(١) البقرة: ٧٨.
(٢) الجمعة: ٣.

<<  <   >  >>